29‏/07‏/2011

خليك متفائل

بينما كان سعدو يسير على رصيف أحد الطرقات في أحد شوارع دمشق يحمل في يده اليمنى كيسا يحوي شاطرين ومشطورين وكامنا بينهما من الفلافل وفي يده اليسرى سيجارة... رأى طفلا في التاسعة أو العاشرة من عمره يجلس على أحد الأدراج الصغيرة في مدخل أحد البيوت وقد لمعت عيناه مليئتان بالدموع... توقف ونظر إليه.. ثم اقترب منه وجلس بجانبه...مرحبا؟
نظر الطفل إليه بينما مسح عينه بيده بسرعة...ولم يقل شيئا
- جوعان؟ معي فلافل اذا بدك؟
- شكرا عمو
- اي مسوك... شبك ليش عم تبكي؟
- عمو البابا والماما بضلو يتخانقو... ومبارح البابا ضرب الماما كف... وكلو مني
- لا يا عمو مو منك أبوك يبدو جحش أو شي...
- بس عمو بخاف يتركو بعض أنا شو بعمل؟
- له يا ولد أصلا تلات ارباع الزيجات بتنتهي بطلاق حتى لو في ولاد متلك يعني... وشوف ولاد المطلقين –متل أمك وأبوك يعني- بعيشو حياة طبيعية وحياتك... ليش عم يتقاتلو؟
- البابا علوي والماما سنية... بقا البابا خايف ما يقتلوه الثوار والماما عم تدعي عليه يقتلوه الشبيحة بالغلط
- العمى... كيف رضو أهلن يتجوزو؟
- عمو أنا ما بدي بابا يموت
- لا تخاف عمو كلنا بدنا نموت.. أنا بدي موت... وأبوك بدو يموت... وحتى أنت بدك تموت
- بس أمي عم تقول ما في حدا رح يموت غير أتباع النظام المجرمين اللي عم يقتلو بالعالم...
- أي عمو وهدول بدن يموتو...
- بس عمو أنا شو بصير فيي اذا الماما أو البابا ماتو؟
- ما بعرف انت شو هلق مع امك ولا أبوك؟
- أنا مع الماما لأنو البابا سافر عطرطوس مبارح
- من وين من طرطوس يمكن بعرفو؟
- ما بعرف عمو... عمو الأمن صح بدن يهجمو علينا أنا والماما؟
- شو بعرفني يمكن.. وينا أمك هلق؟
- بالشغل.. لأنو قال ما بدا تصرف من مصاري أبي... بس مو انو طائفية
- انو هيي مو طائفية بس للعضم مع طائفتا؟ فهمت عليك فهمت عليك
- عمو مين العرعور؟
- شغلة بايخة...
- طيب شو هوي قانون الأحزاب؟
- شغلة بلا طعمة..
- طب ليش الأمن بيكرهونا؟
- مو كلن والله.. شوف في واحد رفيقي كان حباب كتير وكان بالأمن وأنا كنت بعرف انو هوي من الأمن وهوي ما كان بيعرف انو أنا بعرف وكان عم يحاول يطبق بنت شي بشل أسما ساره كانت معنا بالشغل عليها أجرين شي بعل الله يا زلمة... اي المهم كان حباب
- بس كيف فيهن يقتلو ولاد زغار؟
- ما الها علاقة... ليك الأنسان مانو أكتر من حيوان ناطق يعني.. هاي الشغلات تبع الانسانية نحنا عملناها منشان نزبط بالمجتمعات يعني... بقا هودي بس انو ما حدا علمهن الأنسانية المظبوطة.. ما مرقت عليهن المعلومات الصح عرفت كيف؟ انت قريان بوست مودرن فيلوسوفي شي؟
- عمو ممكن يرجعو أهلي لبعض؟
- عالأغلب لا.. انت قديش عمرك؟
- 10 سنين عمو... عمو أيمتى بترجع الحارة معجوئة متل ماكانت؟ ورفئاتي اللي ما عاد عم يلعبو معي طابة بيرجعو؟
- هلق ليك... من ناحية رفقاتك والحارة بعتقد طايلة كتير الشغلة... وأصلا العالم بدو ينتهي بال2012 يعني بعد شي سنة وشوي... بقا فيك تقول ما رح يرجع شي متل ما كان.. لا أكيد أكيد ما رح يرجع... شو منشان خلصت السندويشة؟ جوعان كتير شكلك؟
- أي عمو أمي ما عم تلاقي شغل وما معنا مصاري
- أي بسيطة... أصلا عم ينهار الأقتصاد العالمي... مبارح اليونان أفلست.. اليونان يا رجل.. وقفت عأمك؟
- طب عمو مين هدول جماعة العرعور اللي بدن يقتلو البابا؟
- هدول حبيبي مفكرين دينن أحسن من دين غيرن... مو ذنبن هيك علموهن ناس أجحش منن لسا... شوف مبارح من كم يوم بالسويد واحد مسيحي قتل شي تمانين ولد... عادي يعني بتصير بأحسن الدول
- بس أمي بتقول أنو البابا كافر
- بهيمة أمك شكلا ما حبيتا...
- بس أنا أسمي خضر... وأبي عم يقول انو في ناس بيئتلوني بس يعرفو انو هيك أسمي... بقا بس حدا يسألني بقلو أسمي محمد
- أي مو هون.. عندك شي مشوار عجسر الشغور؟
- لا
- أي خلص مبدئيا لا تخاف من هالشغلة
- بس طيب عمو ليش حدا بدو يكرهني لأنو هيك أسمي؟
- لأنو بخاف تكون أمن
- بس الأمن عم يقتلو العالم؟
- أي بخافو يكونو من جماعة العرعور
- عمو بدي كلشي يرجع متل أول.. يا الله بدي كلشي يرجع متل أول
- فيك مثلا تخترع الة سفر عبر الزمن.. بس بتاخد وقت وبدها مصاري وحسب ما فهمت ما معك.. بقا ما بعرف والله
- بس أنا كتير عم ابكي وما بئا بدي أبكي عمو
- فيك تنتحر.. بس حتى هاي بتكلف... قديش معك مصاري تحديدا؟
- عشرة
- ما بعرف يا ريت فيني ساعدك بس أنا كمان مقطوع مبارح اتدينت من رفيقي مية وخمسين منشان صلح الحنفية عم تسرب... عسيرة الحنفية صار لازم روح هلق جارتنا بتعملي محاضرة عن تعلاية صوت التلفزيون أذا لقطتني... ادروس منيح أي؟
- حاضر عمو يسلمو عالسندويشة كتير
- أهلين
و بينما أكمل سعدو سيره يحمل في يده اليمنى كيسا يحوي شاطرا ومشطورا وكامنا بينهما من الفلافل وفي يده اليسرى سيجارة... رأى فتاة في في الثامنة أو التاسعة من عمرها تجلس بجانب شجرة في قارعة الطريق وقد لمعت عيناها مليئتان بالدموع... توقف ونظر إليها.. ثم اقترب منها وجلس بجانبها... مرحبا؟

هناك تعليق واحد: